القديس فرنسيس الأسيزي
ولد فرنسيس عام 1181في بلدة أسيزي فقامت أمه بيكا بتقديمه لنوال سر العماد المقدس وأُعطِيَ له اسم جوفانّي. ولكن عندما عاد والده بطرس برناردوني من فرنسا أراد أن يُدْعَى الطفل باسم فرنسيس، أيّ الفرنسيّ الصّغير، وذلك، نظرًا لحُبّه الشديد لفرنسا سوق تجارته الرابحة. تعلّم فرنسيس عن أبيه التّجارة وبرع فيها، كما أنه أخذ عن أمه بيكا رقّة القلب والرأفة. مِن هنا يُمكننا أن نفهم فرنسيس الطموح في الحياة والساعي وراء نجاحاتها مِن جِهةٍ، ومِن جِهةٍ أُخرى نظرته للفقراء وعطفه عليهم.
إن طموح فرنسيس البشريّ جعله أحد المشاركين في الحرب ضد مدينة بيروجا، المجاورة لمدينة أسيزي في الفترة (1201 – 1204). أُسر فرنسيس في بيروجا وظلَّ لمُدّة عامٍ في الأسر. وفي عام 1205 توجّه فرنسيس إلى بوليا، راغبًا في تحقيق ذاته بالوصول إلى الفروسيّة الأرضيّة، فانضم لموكب فارسٍ من كبار فرسان أسيزي، كان متّجهًا لمُحاربة الألمان. ولكنه ما أن وصل إلى مدينة سبوليتو، حتى سمع صوت الله يُناديه: «من تراه الأحق بالخدمة: البشر الذين سيُكافئونك أقل القليل, أم السيد صاحب المُجازاة بلا حدود؟». فقال فرنسيس: "ما الذي عليّ أن أفعله؟" أجابه الصوت: «ارجع إلى أسيزي، هناك يُقال لك ما يجب أن تفعل». وفي صباح اليوم التالي عاد فرنسيس إلى أسيزي حيث سمع نفس الصوت يُناديه ليلاً ويحثه على العمل بمشيئة العليّ وتبعيته.
لقد أدرك فرنسيس تدريجيًّا ما يَجِبُ عليه أن يعمل. وبدأ عاميّ 1207 و1208، في ترميم الكنائس منها كنيسة القديس داميانو، وكنيسة القديس بطرس، وكنيسة القديسة مريم سيدة الملائكة. ولكن ها هو صوت العلى يَهُزُ صميم كيانه ثانية، عندما سمع الكاهن يقرأ الإنجيل وهو يقول: "اذهبوا، وأَعلنوا أنه قد اقترب ملكوت الله...؛ لا تحملو للطريق شيئًا، لا عصًا ولا مذودًا ولا خبزًا ولا مالًا...".
اعتبر فرنسيس هذه الكلمات برنامجًا لحياته، فنفذها حرفيًّا وبدأ يبشر في أسيزي، فانضم إليه برناردو من كوينتافاللى ، وبيترو كاتّاني. أسس فرنسيس حياته وحياة من معه على الإنجيل المقدس فعاش ورفاقه الأوائل في ربوع أسيزي والأماكن المجاورة، يصلون إلى الله العليّ ويخدمون القريب، خاصة الفقراء والمرضى. كَثُر عدد أتباعه، وأخذو يحملون الخبر السّار في ايطاليا وخارجها.
وَسَمَ العليُّ فرنسيس على جبل لافرنا، سنة 1224، بجراحات المصلوب في جسده الواهن والضعيف بعدما كان قد وُسِمَ بهذه الجراحات في روحه. احتمل فرنسيس ألم الجراحات، جاهدًا على إخفاء النّعمة السماويّة حتى مماته في ليلة الثالث من أكتوبر عام 1226، عن عمرٍ يناهز الخامسة والأربعين.